الْحَمْدُ للهِ عَلى ما أنْعَمَ، وَلَهُ الشُّكْرُ على ما ألْهَمَ، وَالثّناءُ بِما قَدَّم، والصَّلاةُ والسَّلامُ على خَيرِ الأَنام أبي القاسم مُحَمَّد وآلهِ المنتجبين، وحُجَجِهِ على الخلقِ أَجمعين.
أما بعد: فإنَّ الخطاب الدِّيني اليوم قد شهد تمايزاً واضحاً في المستوى المعرفي والعلمي، ولاسيَّما في الحقلِ التَّربويّ والإِصلاحي المبتني على أُسسٍ قرآنية ونبويَّة، وإنَّ خيرَ وسيلةٍ لمعرفةِ هذه الأُسس هي الإِرثُ الروائي، الذي زَخَرت بهِ مصنَّفاتُُ علماءِ المدرسةِ الإمامية، ولاسيما كتاب نهج البلاغة، فقد شكَّل خِطاب أمير المؤمنين (عليه السلام) في حقل تربية النفس وتقويم السلوك وبناء الإِنسان منهجاً متكاملاً وإن جاء في بعض موارده بالأصول، وفي بعضها الآخر بالبيان التفصيلي؛ لما يرتبط بهذا الجانب أو ذاك من أهميَّةٍ بنائيّةٍ للنفس. لذا قد لا يخلو خطاب من خطبه وأَحاديثه من توجيهٍ بنائيٍّ وقيميٍّ وتربويٍ للنفس الإنسانية، ومجال تحركها في الدائرة الفردية أو الأُسرية أو الاجتماعية؛ ليكتمل بذاك مشروع الإِصلاح للإنسان والمجتمع، وهذا ما حاولنا عرضه وبيانه في ملف العدد الموسوم بـ (الخطاب الديني وأثره التربوي في نهج البلاغة).
5.6MB مجلة