مجلة المبين العدد السادس

الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصى نعماءه العادّون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين محمد وآله الطاهرين. أما بعد: فإنّ قول أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) يمثل خزانة القرآن والنبوة فقد جعل الله تعالى فيه بمقتضى قوله ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ ما تحتاج إليه البشرية- فيما لو- اتبعت سبيل ربها فكانت على هدى المصطفى (صلى الله عليه وآله) ويكفي في البرهنة على ذلك تحير العقول وتأثرها بقوله (عليه السلام) على اختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية في شرق الأرض وغربها. ومن ثم فإن الحديث عن بناء الأسرة والمجتمع والمناهج التربوية والأخلاقية في فكر أمير المؤمنين (عليه السلام) وما اكتنزه كتاب نهج البلاغة هو حديث خصب ومتجدد يضفي على الباحثين بدلالاته ومعانيه وبيانه المعارف الجمة في بناء الإنسان والأسرة والمجتمع. ويكفي في بيان مرجعيته القرآنية والنبوية التي أحاطت بحياة المجتمعات وأهمها ما جاء في وصيته لابنه الإمام الحسن (عليه السلام) فقال: «أيْ بُنَيَّ إنِّي وَإنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي، فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَفَكَّرْتُ فِي أخْبَارِهِمْ، وَسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ، حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ، بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إلَيَّ مَنْ أُمُوِرِهِمْ، قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أوَّلَهَمْ إلى آخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مَنْ ضَرَرِه». من هنا: ارتأت أسرة مجلة المبين العلمية المحكَّمة أن تخصص ملفها لهذا العدد حول بناء الفرد والمجتمع في فكر أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد تضمَّن الملف أربعة بحوث سلطت الضوء على أهمية الوعي الفكري للفرد ومسؤولية الدولة بوصفها أساً من أهم الأسس للتغيير الاجتماعي، وتناول الملف أيضاً انتظام البنية الاجتماعية في عهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر، فضلاً عن بيان دور الإمام علي (عليه السلام) في التأسيس لنظم التكافل الإجتماعي؛ بالاعتماد على الفرائض الشرعية من خمس وزكاة وغيرهما. ومن ثم يختم الملف في بيان رعاية الأيتام وبناء أسرهم في أوقات الحرب.

مؤسسة علوم نهج البلاغة

5.6MB مجلة

---