مجلة المبين العدد الثامن

مجلة المبين العدد الثامن

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد النبي الأمين وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين. وبعد: فلا أحسب أمة تواصل تراثها المعرفي واللغوي والأدبي مثل الأمة الإسلامية، برغم التحديات الجمة طوال تاريخها ، ولا ريب في أن للتراث الأدبي الكثير أثره الكبير في ذلك، غير أن الفضل يعود لعمق ما ترك القرآن العظيم من أثر في حب المعرفة اللغوية ومحاولات فهم النص الإعجازي، وما جاء به الحديث النبوي الشريف، وما حفل به النص العلوي من إنجاز ثر، ولا سيما بعد جمع تلك الاختيارات التي أطلق عليها الشريف الرضي (نهج البلاغة)، نعم، إذا كان الشعر ديوان العرب، فإن القرآن الكريم هو أول نص إعجازي في تاريخ معجزات الأنبياء اتخذ من اللغة مادة إعجاز له، ليفتح بذلك بوابة من المعارف لا تنتهي حول ذلك، وقد كان ذلك فعلا، فكان اتسع أفق الحياة الفكرية الجديدة، فكانت سلسلة أهل البيت (عليهم السلام) وما أغنوا به الآفاق من وصايا وحكم ومواعظ ما اغتنى به الأدباء ونهل منه العلماء، فلا عجب أن تقام مؤسسات ثقافية وتشيد متاحف وتعقد منصات للتزود مما أثر عنهم (عليهم السلام)، فهم زاد معرفي إنساني لا ينضب وقيمته في الحاجة الفعلية للإنسان إليه دائما. ومما استبطن تراثهم (عليهم السلام) من أسرار لم يتعلق بفنون القول فحسب بل في رياداتهم المختلفة، فأمير المؤمنين علي (عليه السلام) كان وحده أمة من العطاء وقيم النبل والايثار، فقد رسم الاستراتيجية السليمة لقيادة الأمة، فكان رائدا بكل شيء من العلوم في الخطط العسكرية والإدارية والاقتصادية، والعلوم المحضة، كالفلك والحساب وعلوم الأرض والصحة، فله في كل ذلك إشارات سجلتها الكتب ووثقتها أقلام العلماء، ومن هنا تسعى مؤسسة علوم نهج البلاغة ومن خلال مجلتها (المبين) إلى إلقاء الضوء دائما على هذا التراث الإنساني الخالد في هذا السفر العجيب، وتدعو الكتاب والباحثين دائما إلى إغناء الدراسات العلمية بمثل ذلك، فسيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) وكلامه المجموع لا يختص بفنون اللغة فحسب بل نجد ثمة مادة علمية مغفول عنها، لم تتناولها أقلام العلوم المحضة بالدرس والتحليل والاستقصاء والاستنتاج والتعليل مما تحتاجه أجيال اليوم من فك عقد هذا العصر الذي نعيشه. إن مجلة (المبين) تستهدف مراكز العلم من جامعات وكليات ومراكز بحث وحوزات علمية مختلفة للتزود من هذا المعين الإلهي الذي اكتنز على درر لم تصلها يد غواص ماهر بعد. نسأل الله تعالى التوفيق والتسديد في خدمة العلم وأهله، فنحن نحاول انتهاج سياسة بث الجديد النافع للقاريء وتجنب التكرار، ولذلك نتخير الدراسات التي تقارب هذا الخط، ونتوخى تقديم الجدة في دراساتها، فهذه المجلة المختصة بنهج البلاغة وسيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) أتاحت السبيل لنشر إبداعات مختلفة من الدارسين عسى أن تكون قد أغنت المكتبة بأعدادها الكثيرة المتنوعة، وما هذا العدد الجديد من مجلة (المبين) أعني به العدد الثامن إلا محاولة جديدة لإضافة نوعية أخرى في سلسلة الدراسات العلوية، أبقينا فيه على تنوع البحوث مع محاولة اختيار ملف نقدي جديد نراه يعمل على تطرية المجلة وإبعاد الملل عن القاريء، متوخين في ذلك إثراء المكتبة المعرفية وإغناء الدارسين بالبحوث القيمة، وسائلين الله تعالى التوفيق فيما نرمي إليه من خدمة أوليائه {وما توفيقي الا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}، والحمد لله رب العالمين

مؤسسة علوم نهج البلاغة

5.0MB مجلة


لا يوجد اي اصدار