البناء القيمي والتقوائي للراعي في عهد الامام علي لمالك الأشتر

البناء القيمي والتقوائي للراعي في عهد الامام علي لمالك الأشتر

إنّ للراعي في الدولة الإسلامية أثراً بالغاً في إدارة المجتمع وتنظيم حياته في مختلف الجوانب المادية والمعنوية، وعلى صلاحه يتوقف صلاح الرعية واستقامة حياتها والعكس بالعكس، تدلنا على ذلك كلمة الإمام علي عليه السلام الخالدة: «الملكُ كالنهر العظيم، تستمدُّ منه الجداول؛ فإن كان عذباً عذُبتْ، وإن كان ملحاً مَلحتْ»[1]. وقوله عليه السلام : «إذا تغيّر السلطان، تغيّر الزمان»[2]. ولذلك اعتنى الإمام علي عليه السلام بتربية وبناء مَن يتولى هذه المسؤولية الخطيرة، قيمياً وتقوائياً، لما لذلك من أثر في بناء شخصية الراعي الإنسانية من جهة، وتعزيز أدواته وقدراته القيادية بما يضمن رصانة الفعل السياسي من جهة أخرى، ومن ثمَّ ضمان حسن سيرته، واستقامة العدل، وظهور مودة الرعية ورضاها، وكسب تأييدها ومساندتها التي ستؤدي حتماً إلى استقرار البلاد وتطورها. وتبدو أهمية دراسة (عهد الإمام علي عليه السلام للأشتر النخعي)، والوقوف على مضامينه؛ لما انطوى عليه من عبقرية في الفكر الإنساني السياسي الإسلامي، ولما تجسد فيه من تجلي حقيقي وعميق للقيم الإسلامية، القابلة للتطبيق في مختلف مجالات الحياة وإدارة العلاقات الاجتماعية، بما يؤمن التفاعل بين طبقات المجتمع بكل تراكيبه تفاعلاً واعياً مثمراً، يحقق هدف استخلاف الإنسان في الأرض. وقد ركز هذا البحث على (البناء القيمي والتقوائي للراعي في عهد الإمام علي للأشتر النخعي) وقُسِمَ على مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة، اختص المبحث الأول ببحث القيمة والتقوى لغةً واصطلاحاً، ودرس الثاني عهد الأشتر بوصفه برنامجاً حكومياً علوياً لتأصيل المعايير القيمية والأخلاقية، وتطرق الثالث إلى ركائز البناء القيمي والتقوائي للراعي في عهد الاشتر، وانقسم هذا المبحث على خمسة محاور بيّنت العلاقات الأساسية للراعي التي حرص الإمام علي عليه السلام على تنظيمها على وفق المعايير التقوائية والقيمية.

الهوامش: [1] ابن أبي الحديد، عز الدين بن هبة الله المدائني (ت656هـ/1258م)، شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط إيران، 1421هـ/2001م، 20/231.

[2] المصدر نفسه، 16/94.

مؤسسة علوم نهج البلاغة

1.1MB كتاب


لا يوجد اي اصدار