استراتيجيات الخطاب عند الامام علي عليه السلام

استراتيجيات الخطاب عند الامام علي عليه السلام

تعد المناهج اللسانية المعاصرة من الأهمية بمكان؛ لأنها تستشعر حقيقة الأدب واللغة والخطاب بصورة عامة،  بما يقارب المفهوم العــلمي والعملي , وذلك في تناولها للقضايا بدقة ووضوح وشمولية أكثر من المناهج القديمة، التي توقفت عند حدود وصف الصورة الكتابية، أو اللسان بصورة أدق، مستغنية عن كل ملابسات الخطاب، وظروف إنتاجه، والسياقات المقامية  التي أنتجته. وتعد التداولية أفضل تلك المناهج وأصلحها بما تطلع به من استراتيجيات فعالة في كشف حقيقة الخطابات، ولاسيما الخطاب الذي نروم الغوص فيه، بكل ما يحمل من قيمة عليا، وألق متوهج لم ينطفئ على مدى العصور. لقد استطاعت التداولية القفز فوق كل المناهج اللسانية، واستفادت من المنهج البنيوي وطورته، ومن المنهج التحليلي والتفسيري.
وعليه فإن المنهج التداولي خير ما يمكن أن يحلل ويستكشف ويخوض في كتاب نهج البلاغة، وذلك للميزات التي تميز فيها خطاب الإمام (عليه السلام)،التي تتساوق مع النهج التداولي، بأبعاده الفكرية والثقافية، فقد انطوى نهج البلاغة على تصوير دقيق لنفسيات الناس المختلفة، وبتعبير آخر أنه اشتمل على نوع من علم النفس الاجتماعي، وهو من أهم العلوم التي امتزجت مع النهج التداولي، وكذلك فلأبعاد النفسية التي ظهرت معبرة عنها تلك الكلمات واضحة، فخلجات نفسه (عليه السلام) ظاهرة في كثير من خطبه، ولاسيما الخطبة الشقشقية وغيرها، مما يمكن للمحلل التداولي تفسير تلك العبارات والانزياحات اللفظية والأسلوبية في ضوء الوظيفة التي أدتها، التي تطلع بها والكشف عن الاستراتيجيات المستعملة في خطابه (عليه السلام)، لا على أساس صوري بحت، بل على أساس وظيفي برغماتي.

مؤسسة علوم نهج البلاغة

2.2MB كتاب


لا يوجد اي اصدار