لم تزل سيرة البضعة النبوية فاطمة (عليها السلام) مادة خصبة للباحثين والقراء، ومنهلاً روياً لرواد العلم والمعرفة وذلك لاكتنازها على معارف جمة، وعلوم شتى وحقائق عدة، فكان منها هذه الدراسة التي خصصت لاستقراء بعض اقوال فقهاء أهل السُنّة والجماعة لاسيما المذاهب الخمسة (الحنفي، والمالكي، الشافعي، والحنبلي، والظاهري) فضلاً عن بعض الفقهاء المستقلين كالشوكاني، ومناقشة مبانيهم الفقهية واستدلالاتهم في أن النبوة مانعة للإرث، أم كان القصد من حكمهم منع فاطمة (عليها السلام) من حقوقها استنصارا لما سَنّهُ الشيخان؟!! ولذا: نتج عنه التخبط والاضطراب في الأحكام، فمنهم من قال بوراثة الأنبياء(عليهم السلام) ولا يمكن أن يخالف النبي(صلى الله عليه وآله) القرآن، وأن المنع كان حصرا به لقول أبي بكر (لا نوّرث)!!، ومنهم من قال: بأن النبي(صلى الله عليه وآله) يرث ولا يورث، وبعضهم قال بأن النبي(صلى الله عليه واله) يوّرث في الأموال التي ذي بال، ولا يوّرث في الاموال التي ليست ذي بال، واضطربوا أشد الاضطراب في أيجاد مخرج في معارضة حديث (لا نوّرث) لأصل القاعدة والضابطة التي جرت عليها الفرائض في الإسلام وهي زوال الملكية وانتقالها الى الوريث، ومن ثم فهل زالت الملكية عن النبي(صلى الله عليه واله) أم أنها لم تزل باقية، فمن قال بالزوال فقد أقرَّ بوجود الورثة ، ومن قال بالبقاء فقد أقرَّ ببقاء ملكية النبي(صلى الله عليه واله) ومن ثم يلزم وجود وصي أو متولي على هذه الأموال وقد أجمع أهل السُنّة على نفي الوصية والوصي، والسؤال الأهم:من يتحمل وزر نهب هذه الأموال وضياعها؟!!.
2.4MB كتاب